الجمعة، 23 مارس 2018

التوضأ بالشمس/ بقلم الشاعر ماجد كاظم على

الحوشي في القصيدة الحرة
من كتابي الصادر (التوضأ بالشمس)
القسم الاول/ ماجد كاظم علي

قد يبدو العنوان غريبا على البعض ولكن الحوشي/
(الحوشي من الكلام او الوحشي منه هو الكلام الغريب بعض الشئ عن التقبل الاول )
ويرى الجواهري المتوفي حوالي 400 هجرية/
(ان الحوشي من الكلام هو وحشيه وغريبه)
اما الامدي المتوفي سنة 371 هجرية فيرى/ (ان غريب الكلام هو ما لايكاد يفسر الا بشدة والوحشي عنده سواء)
اما ابن رشيق القيرواني المتوفي سنة 456 هجرية فيرى الحوشي انه/(1)
(الوحشي من الكلام مانفر عنه السمع ويقال له  الحوشي ثم قال واذا كانت اللفظة حسنة مستغربة لايعلمها الا العالم المتنور والاعرابي القح فتلك وحشية)
(ان الحوشي من الكلام ماكان غريبا على السمع بعيدا عن الفة الاستعمال واذا كان قصد المتكلم منها بعيدا عن المعنى المعروف والمألوف فان اللفظة تدخل في باب الغريب) هذا مااهتم به كراع النمل في كتابه المنجد وغيره(2)
ان بعض الحوشي في القصيدة الحرة يطلق عليه بعض النقاد الصورة الشعرية فما هي الصور الشعرية التي استعملها الشعراء؟ وما هي الالفاظ الغريبة او الحوشية التي استعملت لاول مرة واصبحت فيما بعد مألوفة للقراء والنقاد؟
في رايي ان ثلاثة من شعراء القصيدة الحرة من الرواد يقفون في الصف الاول من ايراد الالفاظ الجديدة على اذن القارئ  في وقتها وهؤلاء هم عبد الوهاب البياتي وحسين مردان وفاضل العزاوي—رغم ان معظم كتابات حسين مردان وفاضل في قصيدة النثر ويمكن ان نضيف لهذه القائمة العديد من الشعراء في بحثنا هذا
يقول كودرج وهو يعرف الصورة الشعرية/
(الشعر من غير المجاز يصبح كتلة جامدة—ذلك لان الصور المجازية  هي جزء ضروري من الطاقة التي تمد الشعر بالحياة)(3)
ويرى روبرت فورست/
(ان هنالك اشياء كثيرة يمكن ان تقال في تعريف الشعر ولكن الشئ الرئيسي فيه هو المجاز)(4)
ورغم ان الكثير من الشعراء شرقوا وغربوا فقسم منهم عاد الى الماضي لينهل منه وقسم منهم نهل من الاداب والاساطير الاوربية وقسم منهم ذهب للاساطير الشرقية الصينية والفارسية والهندية وغيرها –وكل شاعر له صوره وله عذره وله طريقته في الكتابة
ان الكثير من الشعراء مدوا جسورهم بين الماضي والحاضر فجاءت قصائدهم استعادة لقصائد الماضي فيما قدم البعض منهم الماضي بصورة جديدة  تتعامل مع الواقع 
يعرف ستيفن سبنسر عن  شعر الماضي بأنه/
( نهر هائل يروي الحياة كلها لذلك يجب على الشاعر الا يسد هذا النهر الكبير وانما لابد له ان يحيا مرة ثانية)(5)
فالسياب في صوره الشعرية الغريبة بعض الشئ يعطينا مثلا عن ذلك بقوله
(والليل يطبق غيمة سوداء تبتلع المدينة----الليل حولي موحش غريب)(6)
اما شاذل طاقة فيقول(تشربه مقابر المدينة)(7)
ان صورة تبتلع المدينة عند السياب هي صورة غريبة بعض الشئ لمن لايتمعن بالصورة ويعرف مايرمي اليه السياب  وكذلك تشربه المدينة  عند شاذل طاقة والقارئ يتساءل هنا
كيف تشرب المدينة الليل؟ ولكن الشاعر يقصد ان الليل اكثر وحشة وغربة في المقابرنتيجة سكونها وصمتها وظلامها وجلالة الخوف الذي تولده في داخل الانسان وخاصة اذا كان وحده
ان الشاعر لايمكن ان يسمح له ان يستعمل مااراد وما جند وبدون ان يعطي سببا لذلك –فنازك الملائكة في قصيدتها التالية  تجعلنا ندور في ازقة ملتوية لكي نقتطع  في عقولنا مجالا لتقبلها فكيف بالقارئ البسيط
يد الرجل المنتصب
على ساحة البرج في صمته السرمدي
يحدق في وجهه المكتئب
على القلعة الراقدة
على الميتين الذين عيونهم لاتموت
تظل تحدق ينطق منها السكون
وقالت يد الرجل المنصب
(صلاة—صلاة)(8)
ترى ماذا تريد نازك الملائكة—وما هذا التخريف المخدر—لو لم تكتب قصيدتها  هذه اليس لها افضل رغم كل ماتمتاز به نازك من شاعرية وفهم للشعر الحر ونحن نقول كنقاد  وقراء في نفس الوقت—ان شهرة الشاعر لاتبيح له ان يسخر من عقول الناس ان هذه القصيدة هي قصيدة ميته لاحرارة ولاجمال بها
والسياب ايضا رغم براعته في شعره وفي صوره الشعرية لكنه هو الاخر يأتي بما اتت به نازك من صور ميته ومسروقة ايضا ولكن بطريقة عقيمة
جياع نحن وااسفاه—فارغتان كفاها
وقاسيتان عيناها
وباردتان كالذهب
سحائب مرعدات مبرقات دون امطار
قضينا العام بعد العام نرعاها
وريح تشبه الاعصار لامرت كاعصار
ولا هدأت(9)
وهذهالصورة مسروقة من ابي العلاء المعري
سحائب مبرقعات مرعدات
لمهجة كل حي موعدات
ومن رؤيتنا لبيت المعري نراه اكثر توظيفا من ابيات السياب الجامدة
ان فاضل العزاوي  الذي ذهب بعيدا عن كل زملائه في ايراد الصور الجديدة(ربما وفق مبدأ خالف تعرف) الذي طبقه العزاوي  بقصائده—فاصبحت قصائده مثل بضاعةمتكدسة على رصيف ميناء مهجور ينالها التأكل والخراب والنسيان
هل احلق لحية افعالي؟
ام اطلقها كالافعى؟
احيانا اربط وطواطا في ياقة عنقي
احيانا اصطاد لغات
احيانا امسك ذقنا في قارب
واخلق احزانا في الشارع
للموضوع صلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق