الخميس، 29 سبتمبر 2016

زجاجة عطر/بقلم الشاعر / محمد فاضل

زجاجة عطر  – محمد الفاضل  

همت على وجهي في صباح ذلك اليوم الربيعي حيث قادتني قدماي إلى الغابة المجاورة التي لا تبعد عن منزلي سوى بضعة أمتار ، كسا الربيع الأرض جمالاً  فتحول الكون إلى بساط  أخضر ، أينما وليت وجهك تجد زهوراً فاحت رائحتها بشذا الكون ، حينما تدلف إلى الغابة تشعر أنك تعانق حضن الطبيعة الخلابة . 

الشمس تنشر خيوط أشعتها الذهبية على استحياء ، مثل غيداء تفرد خصلات شعرها   فينعكس ضوءها الخجول على صفحة ماء البحيرة اللازوردي ، بين الصخور التي تكسوها الطحالب الخضراء ، تهب ريح ناعمة فتداعب أوراق الشجر وترتعش الأغصان وتتمايل بدلال على وقع شدو العصافير وحفيف أوراق الشجر .

أويت إلى شجرة ظليلة وجلست تحت أوراقها اليانعة ، أرسلت نظري بعيدأ ، أتأمل تلك اللوحة الساحرة التي أبدعها الخالق ، تناهى إلى سمعي صوت طائر مغرد فهيج أحزاني ، تراقص قلبي وأشجاني ، أعاد ذكريات برائحة الزعتر والليمون ، حيث السفوح تحتضن شجر السنديان والبلوط .

الربيع في شامي  يثير البهجة في النفوس الحالمة ، يأخذ بمجامع القلب ، حيث أشجار الصنوبر واللوز والزيتون ، وكأن الطبيعة قد خلعت  رداءها الأخضر فألبست الأرض أجمل حلة ، عادت الحياة لتتجدد مرة أخرى ، وتعانقت أغصان أشجار الصفصاف وألتفت على بعضها بحنو وروائح زهور البابونج تعبق بشذا الطبيعة . 

لي ربيع فوق ربى الشام يعبق برائحة الليلك والياسمين ، هناك خبأت تحت وسادتي  زجاجة عطر ومجموعة رسائل عشق مهرتها بدمي ، في موسم الحب حيث السنونو والحسون ، تنسمت عبير بلادي فسافرت روحي مع نسيم الصبا إلى حيث الذكريات يوم رسمنا قلبين  على شجر الحور والجوز ، وتعاهدنا أن لا نفترق ، يوم كنا نفترش الحقول ونلتحف السماء ، ونسمر تحت جفنات العنب حيث تتدلى العناقيد والكون ينصت لعزف الدلعونا والميجانا في مواسم الحصاد .

سنرجع يا حبيبتي وسنكتب أشعارنا على ورق الحور والغار ، و نغفو على سرد حكايات الغربة و قصص الحنين ، يوم افترقنا ورحلت في ليلة مقمرة . سنرجع مع أسراب السنونو ، مثل  نيسان عندما يمطر دموع فرح ، يقبل الأزاهير فتتورد خدودها وتغفو في حضن الوطن .

السويد – 5 / 6 / 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق