الخميس، 23 نوفمبر 2017

قصيدة بعنوان: نوستالحيا مرثيات يونانية/بقلم الشاعر/علاء طبال

قصيدة بعنوان : ( * " نوستالجيا " : مرثيات يونانية ) / من ديوان : من قلب القبطان / علاء طبال
...
#تمهيد : في مفترق الطرق... **" يا للرجل من طفل : إذ يبتهل و يتضرع من أجل نظرة يتلهف عليها !، يا للرجل من طفلٍ حقاً...... كان الشاب و.سلدستات، و اندران، و أنا، واقفين قرب الباب.
و كانت المجموعة المرحة تضحك و يمازح بعضها بعضاً.
و راقبت عينيّ شارلوت، و كانتا تنتقلان من الواحد إلى الآخر، و لكنهما لم تقعا عليَّ، عليَّ أنا الواقف هناك ساكناً بلا حراك لا يرى شيئاً سواها ...... "
- *** " فيرتر "، إيه فيرتر، أعدت لسهوك الماجن هذا !، هيا سنتأخر.
- سنتأخر على ماذا ؟ !
- على ماذا ؟ !، يا لك من أحمق، ألم أخبرك بالعرض المدائحي الذي سيقام الآن على **** " مسرح ديونيسوس " ؟
- آه، بلى لقد نسيت، هيا بنا...
وصل فيرتر و صديقه إلى المسرح، و لحسن حظهما استطاعا أن يجدا مقعدين في الصف الأول.... جلس فيرتر و صديقه على المقعدين... صوت رجلٍ أبح خشن يقول ***** " لفرقة المداحين ( فرقة الديثرامبو ) ": هيا !، أسرعوا أمامنا عشر دقائق فقط، سيبدأ العرض....
و في أثناء ذلك، أسترخى فيرتر على مقعده الوثير محلقاً بخياله إلى شارلوت، مدغدغاً حواسه بطيفها كتعزية له، و الدمع يسفحه مدراراً على التجريديات.... و إذ به يسمع حواراً من حاضرين في الصف الثاني في المسرح :
- ****** " جميل حقاً، و لكن لماذا الكتم و لماذا الظلم ؟
- هكذا الحب في بلادنا
- الحب أن تتكلم و أن تحب و أن تمرح مع من تحب...
- هذا عند اليونان
- و الرومان... و كل الناس... " 
فهتف أحدهما منتشياً : 
****** " بالله أحكم العالم يا فاسيليادس "
و ما إن سمع فيرتر ذلك حتى انتفض و استدار نحو الرجلين زاعقاً كال ******* " مذهون " : هذا لدى اليونان و الرومان فقط..... أتسمعاني ؟ !، هذل لدى اليونان و الرومان فقط....
فقال فاسيليادس لفيرتر : يبدو أنك شاب مهذب و قوي، و لكن لما لا ترح أعصابك و أعصابنا بعدم حشر أنفك فيما لا يعنيك ؟ !
فقال فيرتر بغضب : ******** " أنا الراكض من ركنٍ لركنٍ
لي قلبٌ واحدٌ عاث به العقر دمارا
فأنا أعزف دمعاً
و أنا أشدوا دمائاً
و أنا أحيا احتضرا
و أنا في سكرتي لا وقت عندي
كي أغني للسكارى "... لاذ فيرتر بالنحيب، و إذ ب ********* " ديونيسوس " على خشبة المسرح منصتٌ لحديثهم من بدايته، فقال بحزنٍ : فيرتر محق يا سادة، هذا لدى اليونان و الرومان.... ********** " في هذا العالم لا مجال للهوى "...
ديونيسوس لفيرتر : *********** " سأقتص منك و مني جراحي
فاستل منها جامحات سلاحي " 
بدأت فرقة الديثرامبو بمدائحها المعتادة لديونيسوس، و إذ بديونيسوس يوشح : 
( توشيحة ديونيسوس ) 
قد أشقيت نفسي في البحث عني
فإذا اشتقتُ لي ما عدت ألقاني
رحلت عني و قبري كان جثماني
و يؤلمني و يحزنني لقائي
تزيد حيرتي حين أذكرني
و أذكرني بذكراكِ
عيونها قد مزقت أحشائي
أين قومي !، ألا يرون دمائي ؟ !
و معي الدليل : تلهفي و توجعي
تبكي جراحاتي و تنزف لوعتي
أعماق أحزاني بطول تشتتي
ك ************ " أفروديتا "أنتِ في عينيَّ
هاتي نهدكِ الغَضَّ الندي 
الجوع آلمني فأسقط من يدي
أعذريني، فأهوائي و نزواتي 
تقود زمامي 
أعذريني، فأنا ديونيسي شهواني
هاتي نهدكِ الغَضَّ الندي 
الجوع آلمني فأسقط من يدي
ماذا فعلت لكي أموت من الطوى ؟ !
الجوع آلمني فأسقط من يدي
لا شيء يشبهكِ، عيناكِ تغريني
لا شيء يشبهكِ، صوتكِ يغريني
أحتاط من نفسي، إذا أنتِ
اقتربتي و أشبعتي نهمي
حلمي و ما أدراكِ ما حلمي ! 
أحتاط من نفسي، إذا أنتِ
اقتربتي... لو تسمعي نبض الهوى بدمي
حزنٌ على حزنٍ، إذا أنتِ...
اقتربتي !
حلمي و ما أدراكِ ما حلمي
ديونيسوس أنا، كل العاشقين
سارت بهم في دربهم قدمي
أرنو إليكِ، فهذا الحسن يأسرني
سكرةٌ خمركِ، أشواقٌ و آهاتِ
من خمرة الرب في عينيكِ سيدتي
تغفو النجوم و تشتاق سماواتِ
تغفو النجوم و تشتاق سماواتِ
و أرغبكِ بكل أنواع التمني
بإشراق الصباح بنور إلهامي
هو الوجد، أحيا الأنين بداخلي
ماذا هناك ؟... يجيب قافيتي الصدى
من خمرة الرب في عينيكِ سيدتي
من دنكِ أحي إحساسي
سأحي ميت إحساسي
بأقداحٍ من الخمر...
... أمشي على شوك الحنين....
و عباءة ( الصبر الجميل ! ) تشدني !
و عباءة ( ************* سقراطيس ) تشدني
و تبوح بي لي :
أني أضعت لديكِ ذاتي
فأقول بي لي : 
بديونسيتي، زرعت الأرض طهراً
و أذهلت العطايا من عطائي
سأرثي كل أجدادي 
كل يوناني و روماني 
... حزنٌ على حزنٍ...
توقف ديونيسوس لحظات ثم قال بحدة و قسوة لا هوادة فيهما و بلا أي انقطاع و بعصبية : أنا لا أحب بل أهوى و من متى كان ************** " كوبيدون " أرقى من *************** إيروس و **************** ستورجييه ؟ ! - يضحك - كوبيدون طفل مجنح لا غير الهوى هو الحب أينما داعبني هواي سرت و الجمال بلا هوى مجرد مس من الجنون فأنا ضعيف أما شهوة النساء لكن جبة سقراط ستخنقني و إن ظلت جاثمة على صدري سأمزقها
لو لم يكن الله موجوداً لكفرت بالحياة الدنيا - يصرخ - : ديونيسي شهواني.
... من هنا فقط نفهم لما أراد نيتشه أن يعيد الفلسفة اليونانية و الرومانية إلى الحياة من جديد ......
------------------
* حنين إلى الماضي 
** آلام فيرتر الشاب ( أشجان فيرتر الشاب ) - يوهان فولفغانغ فون غوته
*** اسم الشاب في رواية غوته
**** اسم مسرح تاريخي، تأسس منذ عهد قديم، و لا يزال إلى اليوم موجود في اليونان في أثينا
***** المنشدين للمدائح و التقريظات و الجذالات بحق الإله ديونيسوس 
****** خمارة القط الأسود - نجيب محفوظ
******* المذهون تعني المجنون، لكن كلمة المذهون دارجة و متواترة و منتشرة أكثر من كلمة مجنون في الأوساط العلمية، و الكلمة مأخوذة من ( الذهان ) : الجنون، و تعتبر هذه الكلمة أكثر لطفاً و  أقل حدة من كلمة مجنون
******** أحمد مطر
********* إله الخمر و النشوة و الجنس و الهوى لدى الإغريق و هو أحد آلهة الأولمب الاثني عشر، و أحد أعمدة الأولمب الاثني عشر على الرغم من كونه نصف إله و نصف بشر، لأن شرب الخمر كان طقس ديني مقدس لدى اليونانيين ( ميثولوجيا إغريقية ) 
********** الطاعون - ألبير كامو
*********** من قصيدتي : ( سورة النسف 7 : خطاب إلى الحسين بن علي ) 
************ إلهة الحب و الجمال و الجنس و العلاقات غير الشرعية لدى الإغريق، تعرف بفينوس لدى الرومان و إينانا لدى السومريين و عشتروت لدى الكلدانيين و الكنعانيين، و عشتار لدى البابلين... إلخ ( ميثولوجيا إغريقية ) 
************* إشارة إلى كتاب : أفول الأصنام - فريدريك وليام نيتشه، و المقصد من الإشارة هذه هنا و في البيت السابق هو آخر الفصل الثاني من الكتاب الذي يتحدث فيه نيتشه عن سقراط بأنه هو و من على شاكلته يمثلون الانحطاط القيمي بنشرهم لرذيلة الزهد و التقشف و كبح جماح الإنسان و هواه و تقييده.... إلخ
************** إله الحب لدى الإغريق، يصور عادةً بصورة طفل مجنح بيده قوس و سهام( ميثولوجيا إغريقية )
*************** المقصد هنا مستوى إيروس ( مستوى الحب العاطفي " الجنسي " ) 
و أسطورة إيروس و ساكيه ( ميثولوجيا إغريقية )
**************** مستوى الحب الأول لدى اليونان ( المستوى الغريزي الفطري )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق